في إطار دراسة أجرتها مؤخراً شركة “بوسطن كونسالتينغ غروب”، قام الباحثون باستفتاء أكثر من 50000 شخص من 79 مدينة، طالبين منهم تقييم أكثر من 150 عاملاً اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا تتوزع على خمس موضوعات هي الفرص الاقتصادية، ونوعية الحياة، ورأس المال الاجتماعي، والتفاعلات مع السلطات، وسرعة التغيير.
وفي هذا السياق، برزت النتائج المميزة التي حققتها عاصمة الإمارات العربية المتحدة، ضمن فئة المدن المتوسطة من حيث الحجم الديمغرافي (أقل من ثلاثة ملايين نسمة). فقد تميزت بارتفاع متوسط دخل الفرد، كما سجلت 73 نقطة فيما يتعلق بالفرص الاقتصادية. وتعد هذه النتيجة اللافتة ترجمة لجهود الإمارات لبناء بيئة صديقة للأعمال تحفز الابتكار والريادة، ونتيجة للاستثمارات المهمة التي قامت بها الدولة أو شجعت عليها في قطاعات أساسية ولا سيما منها السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. فقد نجحت المدينة في جذب العديد من الاستثمارات الإضافية وعززت الثقة باقتصادها النامي بسرعة وثبات. فمن المعروف أن اقتصاد أبو ظبي قد شهد نمواً وتطوراً سريعين على مدى العقود القليلة الماضية، حيث أصبحت مشاريع البنية التحتية الكبرى والعمارة الحديثة سمة مميزة لمعالم المدينة.
أما العلامة العالية التي نالتها المدينة من حيث “رأس المال الاجتماعي”، فهي مؤشر إلى أنها مكان يشعر فيه الناس بالانتماء والتواصل مع مجتمعهم. ولا شك في أن ذلك مرتبط بمستويات الأمن والسلامة في المدينة، وبجهودها للحفاظ على تراثها الثقافي وتعزيز التماسك الاجتماعي بين قاطنيها.
في قسم “التفاعلات مع السلطات”، سجلت أبو ظبي علامات مشرفة أيضاً. فبفضل نظام الحوكمة المتطور فيها، حيث تستجيب الحكومة لاحتياجات مواطنيها وتشركهم بنشاط في عمليات صنع القرار، يشعر المقيمون بقدرتهم على التواصل الفعال مع السلطات وبأن رأيهم مسموع ومهم.
ولا ننسى هنا أن المدينة سجلت كذلك نتيجة مرضية من حيث “سرعة التغيير” في دلالة إلى قدرة سلطاتها على الاستجابة الرشيقة للمتغيرات على أنواعها.
هذا غيض من فيض ما تقدمه هذه المدينة المتفوقة لقاطنيها، ولا شك في أنّ لديها الكثير لتبهرنا بها بعد.