تُعتبر أشجار القرم أو المانجروف المنتشرة على سواحل الإمارات العربيّة المتّحدة ثروة طبيعيّة بكلّ ما للكلمة من معنى. ففي حين تجهد الدول لتخفيف حدَّة آثار التغيُّر المناخي، ولا سيّما منها ارتفاع منسوب مياه البحر وتضرُّر البيئة البحريّة، تمتلك الإمارات، من ضمن نقاط قوّتها، هذه الأشجار التي تُعرف بمقاومتها للظروف المناخيّة الصعبة. فهي تعيش في مناطق كثيفة الملوحة، وتتحمّل الحرارة العالية والتعرّض الطويل للأشعّة فوق-البنفسجيّة، وتسهم بشكل فعّال في تخفيف ثاني أكسيد الكربون من الجوّ. من جهة أخرى، تُعدُّ غابات المانجروف موئلاً للعديد من الحيوانات والطحالب ومركز جذب سياحي مهمّاً.
لكلّ هذه الاعتبارات، بالإمكان القول إنّ أشجار المانجروف ثروة حقيقيّة. وقد وعت دولتنا باكراً أهمّيّة هذه النباتات ذات المظهر اللااعتيادي (إذ يبدو للناظر إليها أنّها نابتة بشكل مقلوب بسبب جذورها التنفّسيّة المرئيّة) والإمكانات البيئيّة والاقتصاديّة العالية، فكان أن تعهّدت للأمم المتّحدة بزراعة 30 مليون شجرة إضافيّة قبل عام 2030، علماً أنّ 80 % من المساحة الكلّيّة لغابات أشجار القرم موجودة حالياً في إمارة أبو ظبي.
من شأن توسع غابات المانجروف أن يسهم في إبطاء تآكل الشواطئ، والتخفيف من حدّة الكوارث البحريّة، ودعم التنوّع البيولوجي، وتحسين نوعيّة الهواء، إضافة إلى تطوير فرص الاستثمار في السياحة البيئيّة.
خلال العقود الثلاثة الماضية، تضاعفت مساحة غابات المانجروف في الإمارات (ومعظمها من المانجروف الرمادي والأبيض)، وذلك بفضل مشاريع الزراعة وإعادة التأهيل التي أطلقها مؤسّس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. أمّا اليوم فعلينا أن نستمرّ في رعايتها وحمايتها من التوسّع العمراني ومن التلوث ومن بعض الممارسات السياحية المضرّة، كي تستمر هي في حمايتنا وحماية الأجيال المقبلة من مخاطر الكوارث البحريّة والاحتباس الحراري.